روى الحافظ البيهقي بسنده عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن أنكثه - أو كلمة نحوها - وأن لي حمر النعم ) .
ثم روى البيهقي عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما شهدت حلفا لقريش إلا حلف المطيبين وما أحب أن لي حمر النعم وأني كنت نقضته ) .
قال : و( المطيبون ) : هاشم وأمية وزهرة ومخزوم .
قال البيهقي : كذا روي هذا التفسير مدرجا في الحديث ولا أدري قائله . وزعم بعض أهل السير أنه أراد حلف الفضول فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلف المطيبين .
قلت : هذا لا شك فيه وذلك أن قريشا تحالفوا بعد موت قصي وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه عبد الدار من السقاية والرفادة واللواء
والندوة والحجابة ونازعهم فيه بنو عبد مناف وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش وتحالفوا على النصرة لحزبهم فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنة فيها طيب فوضعوا أيديهم فيها وتحالفوا فلما قاموا مسحوا أيديهم بأركان البيت فسموا المطيبين كما تقدم وكان هذا قديما .
ولكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدي وابن إسحاق .
وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب .
روى ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي :
أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - والوليد يومئذ أمير المدينة أمره عليها عمه معاوية بن أبي سفيان - منازعة في مال كان بينهما ب ( ذي المروة ) فكأن الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه فقال له الحسين : أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول .
قال : فقال عبد الله بن الزبير - وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال - : وأنا
أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا . قال :
وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك .
وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك .
فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي .